هذا المخطط، الذي كان يهدف إلى تحديث القطاع الزراعي وزيادة الإنتاجية، أدى إلى نتائج مختلطة، حيث حقق نجاحات في بعض الجوانب لكنه تسبب في مشاكل كبيرة في جوانب أخرى، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي والاستدامة البيئية.
ملاحظات حول مخطط المغرب الأخضر
1. رهن الأمن الغذائي بالخارج:
- الاعتماد على الاستيراد: ركز مخطط المغرب الأخضر على زيادة الصادرات الزراعية عالية القيمة (مثل الحمضيات، الطماطم، والأفوكادو)، لكنه لم يعطِ الأولوية الكافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الأساسية مثل الحبوب والزيوت النباتية. نتيجة لذلك، أصبح المغرب يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاته من هذه المنتجات، مما جعله عرضة لتقلبات الأسعار العالمية واضطرابات سلاسل التوريد؛
- التأثر بالسياسات الدولية: ارتباط المغرب بأسواق التصدير (خاصة الاتحاد الأوروبي) جعله أكثر تأثرًا بالسياسات التجارية والاقتصادية للدول الكبرى، مما يهدد استقلاليته الغذائية ورهن حاضر ومستقبل البلاد بالقوى الأجنبية في ظل مناخ جيوسياسي متقلب جدا؛
2. تشجيع المنتجات الهجينة والمستوردة:
- المنتجات غير المتأقلمة: شجع المخطط استخدام أصناف هجينة ومستوردة من البذور والمحاصيل التي تتطلب كميات كبيرة من المياه والأسمدة الكيماوية والمبيدات. هذه المنتجات غير متأقلمة بالضرورة مع البيئة المحلية، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية والأمراض؛
- التكلفة العالية: هذه الأصناف تتطلب رعاية مكلفة ومدخلات زراعية باهظة الثمن، مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويجعلها غير متاحة للفلاحين الصغار ذوي الدخل المحدود؛
3. تجاهل المنتجات المحلية المتأقلمة:
- إهمال الأصناف التقليدية: تم التخلي عن العديد من الأصناف المحلية التي كانت متأقلمة مع البيئة المغربية وتتطلب موارد أقل (مثل بعض أنواع القمح والشعير والبقوليات). هذه الأصناف كانت أكثر مقاومة للجفاف والأمراض، وبالتالي أكثر استدامة على المدى الطويل؛
- فقدان التنوع البيولوجي: التركيز على الأصناف الهجينة أدى إلى تراجع التنوع البيولوجي في الزراعة المغربية، مما يهدد النظام البيئي الزراعي؛
4. الاستنزاف المفرط للموارد:
- استهلاك المياه: تشجيع المحاصيل التصديرية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه (مثل الأفوكادو) أدى إلى استنزاف الموارد المائية الجوفية، خاصة في مناطق مثل سوس والحوز، حيث تعاني الفرشات المائية من الجفاف؛
- التلوث الكيميائي: الاستخدام المكثف للأسمدة والمبيدات الكيماوية أدى إلى تدهور جودة التربة والمياه، مما يهدد صحة الإنسان والبيئة؛
5. التباين بين الفلاحين الكبار والصغار:
- الفلاحون الكبار: استفادوا بشكل كبير من مخطط المغرب الأخضر بسبب قدرتهم على الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية المطلوبة للمحاصيل التصديرية؛
- الفلاحون الصغار: تم تهميشهم إلى حد كبير، حيث لم يتمكنوا من الوصول إلى الدعم الكافي أو التكنولوجيا اللازمة، مما أدى إلى تفاقم الفقر والهجرة من الريف؛
6. التأثيرات على الأمن الغذائي:
- ضعف الاكتفاء الذاتي: أصبح المغرب يعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاته من الحبوب والزيوت، مما يجعله عرضة لصدمات الأسعار العالمية واضطرابات سلاسل التوريد (مثل تلك التي حدثت خلال جائحة كوفيد-19 وأزمة الحرب في أوكرانيا)؛
- ارتفاع أسعار الغذاء: الاعتماد على الاستيراد أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الفقيرة؛
الحلول المقترحة:
1. إعادة التوازن بين الصادرات والاستهلاك المحلي: يجب على الحكومة إعطاء أولوية أكبر لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الأساسية مثل الحبوب والزيوت؛
2. تشجيع الزراعة المستدامة: دعم الأصناف المحلية المتأقلمة مع البيئة والتي تتطلب موارد أقل؛
3. تحسين إدارة المياه: اعتماد تقنيات ري أكثر كفاءة وتشجيع الزراعة التي تستهلك كميات أقل من المياه؛
4. دعم الفلاحين الصغار: توفير الدعم المالي والتقني للفلاحين الصغار لتمكينهم من زيادة إنتاجيتهم وتحسين جودة منتجاتهم؛
5. تعزيز البحث والتطوير الزراعي: تطوير أصناف جديدة متأقلمة مع التغيرات المناخية وتحتاج إلى موارد أقل؛
6. الاعتماد أكثر إلى تحقيق الأمن الغذائي: بناء على الانتاج المحلي وفك الارتباط بالخارج خصوصا في ظل مناخ دولي متقلب جدا؛
الخلاصة:
مخطط المغرب الأخضر، رغم نجاحه في زيادة الصادرات الزراعية وخدمة مصالح الكبار، أدى إلى رهن الأمن الغذائي المغربي بالخارج وإلى استنزاف موارده الطبيعية، وساهم في ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، لتحقيق استدامة زراعية حقيقية، يجب إعادة النظر في السياسات الزراعية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وحماية الموارد الطبيعية ودعم الفلاحين الصغار.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.